هل ينسي النبي؟
وإذا أردنا أن نتجاوز هذه الملاحظة ، فإننا لا نجد هناك أيّ دليل عقلي أو نقليّ يفرض امتناع نسيان النبي لمثل هذه الأمور الحياتية الصغيرة ، لأن ذلك لا يسيء إلى نبوّته من قريب أو من بعيد ، ولكن ربما نلاحظ ـ في هذا المجال ـ أن النبي إذا كان لا ينسى أمر التبليغ ـ كما هو المتفق عليه بين المسلمين ـ فلا بد من أن يكون ذلك من خلال ملكة ذاتية تمنعه من النسيان ، بحيث تجعل وجدانه واعيا للأشياء ، فلا تغيب عنه عند ما ينفصل عنها ، مما يجعل المسألة غير قابلة للتجزئة ، كما هي القضايا المتصلة بالملكات النفسية.
وقد يثير البعض أمام هذه الملاحظة ، أن مسألة التبليغ قد تكون موضعا لتدبير إلهيّ غير عادي ، من أجل حفظ الرسالة من الضياع أو التحريف ، بحيث يعطي وجدانه الرسالي إشراقة قوية ، تختلف عن وعيه للأشياء الأخرى ؛ والله العالم.
* * *