ويقتصر جزاء هؤلاء على العقوبة الإلهية في الآخرة أو في الدنيا وذلك بما ينزله الله من العذاب عليهم ، أو على الرفض المعنوي لهم من قبل الناس ، فيذمّونهم على ذلك ، ولا يمتد إلى معاملتهم بما يعمل به الظالم من عقوبات جزائية أو جنائية ، فلا يقتل الراضي بالقتل كما يقتل القاتل ، ولا يرجم أو يجلد الراضي بالزنى كما يحدث للزاني. وهكذا نجد أن الجانب القانوني للمسألة على مستوى الشريعة ينسجم مع خط الآية ، فلا يحاسب الإنسان من ناحية قانونية على أفكاره ومشاعره المنحرفة في ما يتصل بالتعاطف مع الانحراف نفسيا من دون أن يشارك فيه ، بل يكفي في ذلك الذم المعنوي والإنكار النفسي والفكري.
* * *
انسجام السياسة الإسلامية مع الأخلاق
وفي هذا الجوّ ، نريد أن نثير بعض الأوضاع التي دخلت إلى ساحة السلوك العملي للإنسان المسلم ، في حركة الواقع السياسي ، مما ينحرف عن خط العدالة الذي تقرره هذه الآية. فقد شاع في عصرنا الحاضر خطف إنسان بريء وحجز حريته ، لأن شخصا من طائفة المخطوف الدينية أو من حزبه السياسي ، قد خطف شخصا من طائفة هذا الخاطف ، كما شاع خطف طائرة تابعة لبلد معين ، وحجز ركابها ، وتهديدهم بالقتل ، أو قتلهم في بعض الحالات ، لمجرد أن هذا البلد الذي يملك الطائرة يحتجز بعض أصحاب الخاطف أو محازبيه ، أو لأن ذلك يمثل عنصر ضغط على وضع سياسيّ معين ، أو الإعلان عن حالة سياسية أو إنسانية خاصة أو عامّة. وقد أصبح هذا الواقع أسلوبا متبعا في العمل السياسي ، وأداة من أدوات الضغط ، حتى أنه اعتبر