ما يملك من قوّة ذاتية مميّزة ، وذلك للتنبيه على أن الكفار يمكن أن يثيروا أمام الداعية إلى الله بعض الأساليب الساحرة المثيرة ، التي تضغط على مشاعره وأفكاره بطريقة لا شعورية ، مما يفرض عليه أن يحترس من ذلك باللجوء إلى إيمانه وعقله ، ليأخذ منهما الوعي الذي ينفتح على المسألة من موقع العمق لا من موقع السطح. فهي تعالج الحالة من مواقع النظر إلى الإنسان في طبيعة مواجهته للأسلوب في ذاته ، ولذلك تحدثت عن تثبيت الله للنبي ، الذي لولاه لتأثّر بتلك الأساليب. ومن الطبيعي أن التثبيت لم يكن حالة طارئة ، كما توحي به الروايات التي تضمنت نزول الآية للتحذير من هذه الحالة ، مع أن الظاهر هو أنها جاءت إخبارا عن حالة سابقة ، بل كان التثبيت ناشئا من قوّة الإيمان في شخصيته التي أودعها الله فيه من خلال لطفه ورعايته له ، الأمر الذي يوحي للداعية المسلم أن يكون حذرا في مواجهة أساليب الإغراء والتخويف التي تمارس معه أو ضده ، لئلا يسقط أمامها بطريقة غير إراديّة.
* * *
إغراء النبيّ لتقديم التنازلات
(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) ، فيواجهونك بالأساليب التي تثير الاهتزاز والانحراف في مسيرتك ، (عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) ليصرفوك عنه ، (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) لتزيد فيه ، فتقول علينا ما لم نقله ولم ننزله إليه ، (وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) وصديقا ، لانسجامك معهم واستجابتك لهم ، كما ينسجم الإنسان مع صديقه ويستجيب له. وهذا هو الأسلوب الإغرائي الذي يحاولون من خلاله أن يستميلوا النبي أو الداعية في ما يمكن أن يحققه من نتائج ، أو يبلغه من غايات. وهذا ما نجده في الأساليب المتبعة في واقعنا ، فالدعوات الفكرية أو