الخالق هو المعيد
(قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) وهو الله الذي تعتقدون أنه خلقكم من العدم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، لأنه يملك القدرة على أن يعطي الحياة سرّها ، فهو القادر على أن يعيدها من جديد ، إذ إنّ عملية الإعادة أكثر سهولة من عملية الخلق في الابتداء. (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) ويحركونها ـ في حالة تعجب ـ وينحنون أمامك انحناءة العاجز عن ردّ الحجة بمثلها لأنهم لا يملكون ذلك ، فيبادرون إلى الهروب من الجواب ، إلى توجيه سؤال آخر يستبعد المسألة في حساب الزمان ، وقد يكون في موقع الساخر منها.
(وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ) فها هي الحياة تتقدم ، والأموات يتكاثرون ويزدادون ويتحولون إلى عظام ورفات ، ولا نجد أحدا منهم يعود من جديد إلى الحياة ، بالرغم من تقادم الزمن عليه (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) فهو سرّ الله الذي اختص به ، ولم يعرّفه لأحد من عباده حتى لأقرب رسله إليه ، ولكنه سيأتي ، لأن الله الصادق في وعده قد أخبرنا به ، والعقل القاطع قد حكم بإمكانه ... فانتظروه في إيمان الواثق بحصوله ، فقد يأتيكم قريبا من حيث لا تشعرون ولا تعلمون. (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) الذي يتحرك من موقع قدرته ورحمته ونعمته ، التي يشعر فيها الإنسان بكل صفات الحمد المتمثلة في ذاته المقدسة ، وتشعرون بحركة الحياة ، وهي تهتز وتضج قليلا من الزمن ، وستواجهون الحقيقة هناك ، في ساحة المسؤولية ، بعيدا عن كل جدل ، ففكروا الآن كيف تواجهون المسألة من هذا الموقع.
* * *