الإسراء بين الإجمال والتفصيل
وقد أجملت الآية الأولى من هذه السورة مسألة «الإسراء» ولم تفصل شيئا من حوادثه ، لكن الروايات المتواترة أفاضت في الحديث عن ذلك. وربما طغى جو الخيال على الكثير مما ذكر في خصوصياتها ، وذلك ما نلاحظه في بعض القضايا التي قد لا يستطيع الباحث تفسيرها بطريقة معقولة ، لا سيما في ما أفاض فيه المحدثون عن قصة المعراج ليلة الإسراء ، رغم أن الحدث امتد إلى وقت قصير لا يسمح بتغطية ذلك كله ، لأن المسألة إذا كانت تحمل الإعجاز في طبيعتها ، فإنها تبقى في دائرة القدرة المحدودة للنبي في خصوصيات بشريته التي تخضع لعامل الزمان والمكان ، لا سيّما وأن الإسراء كان بالجسد كما هو معروف بينهم.
وربما يمكننا مناقشة بعض هذه التفاصيل في مسألة تشريع الصلاة وغيرها ، مما نرجو أن يوفقنا الله للحديث عنه في الكلام عن المعراج وتفاصيله في سورة النجم.
وقد تكون الرواية التي رواها الصدوق في أماليه ، عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ، هي أكثر الروايات اختصارا وأقربها إلى الاعتبار ، فقد جاء في أمالي الصدوق ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام قال : لما أسري برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بيت المقدس ، حمله جبرائيل على البراق ، فأتيا بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب الأنبياء ، وصلى بها ورده ، فمرّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في رجوعه بعير لقريش ، وإذا لهم ماء في آنية ، وقد أضلّوا بعيرا لهم وكانوا يطلبونه ، فشرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك الماء وأهرق باقيه.