ذاته ، من خلال العناصر المتنوعة الخاضعة لأكثر من نقطة ضعف ، ومنها عنصره الناريّ الذي كان يجد فيه لونا من ألوان الامتياز عن الآخرين ، ولذلك كانت مسألة خلق آدم وتكريم الله بأمر الملائكة بالسجود له ، صدمة عنيفة موجهة إلى كبريائه ، وتحقيرا للجانب العنصري في شخصيته ، فأبى أن يسجد له. (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) في حالة تمرّد وتحدّ ومواجهة لهذا المخلوق الجديد ، وأعلن عزمه على إضلال ذريته حتى لا يحصلوا على كرامة الله لهم في رضاه عنهم ، ورحمته لهم ، وإدخالهم الجنة التي وعد بها عباده المتقين ، لأنه لا يريد أن يتميزوا عنه وعن ذريته ، فيدخل هو النار بينما يدخلون الجنة. وإذا كان حظه هو هذا الحظ ، وعزمه هو هذا العزم ، فكيف يمكن لأبناء آدم أن يستسلموا له أو يخلصوا لعلاقتهم به ، أو ينفتحوا عليه من موقع الثقة به ... إن ذلك يمثل منتهى الجهل ، وغاية السذاجة ، (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي)؟ تمحضونهم المودّة ، وتعطونهم الثقة ، وتنتمون لأوضاعهم ، وتنفذون خططهم الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية من خلال ما يوحون به إليكم من أفكار وآراء ومشاعر ، (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) لأنهم يضمرون لكم المكر الحاقد الذي يؤدي بكم إلى خسارة الدنيا والآخرة من أكثر من وجه.
* * *
بئس البديل الشيطان
(بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) حيث يظلم هؤلاء الذين يتبعون إبليس وذريته أنفسهم ، فيتخذونهم أولياء ، وينكرون ولاية الله الذي خلقهم وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ، ودعاهم إلى السير في طريق الهدى الذي يؤدي إلى الجنة