في الأرض من ذلك ، ولكن لا لأنه يمثل رسالة الحياة وهدفها ومعناها في واقع الإنسان ، بل من أجل أن يكون موقعا للتجربة والحركة في اتجاه تأكيد الإرادة ، على أساس اختيار القرار الأفضل لمصلحة الالتزام من قاعدة الحرية الإنسانية في مواقع الصراع ، لينطلق التسابق بين الناس من أجل تحديد الأحسن في عملية إثارة للطموح في الاتجاه الصحيح.
* * *
وجوب عدم الاستسلام للدنيا
(لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) وذلك في ساحة تجربة الحياة التي تتنوّع فيها المغريات ، وتختلف فيها الشهوات ، وتتكاثر فيها الأطماع ، مما يعيش الإنسان معه حالة التحدي الصارخ الذي يواجه إيمانه ويهز موقفه ، فإذا انطلق ليتحرك في الاتجاه الأفضل الذي يتمرّد فيه على الشهوة الحرام ، والمال الحرام ، والجاه الحرام ... ويستبدل ذلك بالطاقة التي تخدم الحياة والإنسان في خط الله ، فإنه يكون ممن يعيش التفاضل في العمل تجاه الآخرين ، أمّا إذا سقط في التجربة ، فإنه يسقط في المصير. ومهما كان الوضع العملي للإنسان ، في نتائجه السلبية أو الإيجابية ، فإن هذه الحياة الحلوة الرخيّة ، التي تشتمل على الزينة المادية والمعنوية التي يستمتع بها الناس ، لن تبقى في هذه الأرض ، فستعود أرضا لا تنبت شيئا ، كأنها تأكل النبات أكلا ، فلا تعطي الحياة شيئا ، ولن تحقّق للإنسان أيّة متعة.
(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) أي أرضا لا نبات فيها ، وهو كناية عن فقدان حركة الحياة فيها ، باعتبار أن النبات يمثل الحياة النامية الحلوة التي تمد الإنسان بالقوّة عند ما تمدّه بالغذاء ، وتمنح الوجود جمالا ، من خلال