القاعدة المؤمنة بالقيادة الصالحة ، فلا مجال للهوى أو العبث أو البغي أو الفساد ، بل هناك النظام الذي يحكم القيادة في قيادتها للأمة ، ويحكم الأمة في التزامها بتعليمات القيادة. وبذلك تتوازن الحركة ويستقر الواقع ، وتتطلع الحياة إلى مستقبل قويّ زاهر. أمّا إذا انطلقت الحركة من قاعدة الباطل والظلم والشرّ ، التي تلتقي بفقدان التوازن في النظر إلى الأشياء ، وانعدام الانضباط في طبيعة العلاقات ، فهناك الحكم الذي يخضع للمزاج ، والحركة التي تنطلق وفق الهوى ، والحياة التي يعبث بها الفساد ، ويسيطر عليها البغي والعدوان ، فإذا اجتمعت هذه الشروط ، كان مستقبل الناس الهلاك والدمار.
* * *
المترفون غايتهم الاستمتاع
(وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) فالإرادة الإلهية تتعلق بالأشياء على أساس قانون السببية الذي أقام الله الكون عليه ، فإذا توفرت أسباب الهلاك لهذه القرية أو تلك ، من خلال الظروف المحيطة بها ، والأعمال التي تحدث فيها ، والعلاقات السيّئة التي تحكمها ، فلا بد من أن يحصل المسبّب وهو الهلاك كنتيجة حتميّة للقانون الكوني ، (مُتْرَفِيها) والمترفون هم الذين يعيشون حياة الترف المتمثّلة في إرواء ظمأ الحس من اللذة ، وإشباع جوع الغريزة من الاستمتاع ، والأكل والشرب ، وتحويل الطاقات كلها نحو الحصول على الجاه والوصول إلى مواقع الفساد ، بحيث يعتبر ذلك كله القيمة المثلى التي تسقط أمامها كل القيم ، فلا قيمة لغيرها ، ولا حركة للعلاقات الإنسانية إلا من خلالها. وهؤلاء المترفون هم الذين ينشرون الفساد ، لأنهم لا يطيقون الحياة مع الصلاح والمصلحين ، ولا ينسجمون مع أفكارهم وأوضاعهم ، ولا يستجيبون إلا لشهواتهم