لم يألفوها لأنها لا تدخل في نطاق الحس في الوقت الذي تؤكدها المعادلات العقلية ، أو الوقوف أمام الأفكاري الجديدة التي يثيرها الأنبياء أمامهم ، بشأن مسألة النبوة أو الوحي أو المضمون الفكري أو التشريعي للرسالات ، من دون أن يدرسوا البراهين التي يقدمها الأنبياء ، والحجج التي يدعمون بها رسالاتهم ويدعون الناس إلى الدخول معهم في حوار حولها ليتأملوا فيها ، أو يفكروا بها ، وليناقشوها من موقع الفكر والوعي ، فيرفضون ذلك كله ، ويبادرون إلى الرفض والإنكار والمواجهة ، ويجمدون عقولهم وأبصارهم وأسماعهم عن الحركة في هذا الاتجاه. ولهذا عبر القرآن عنهم بأنهم لا يعلمون ، لأنهم لا يملكون أساس العلم في ما يؤمنون به أو في ما يرفضون ، فليست المشكلة لديهم هي الحجة المضادة ، بل هي عدم استنادهم في الأمرين معا إلى الحجة البالغة الواضحة.
* * *
العلم أساس الحياة
ولعل المقصود بالآية ، هو توجيه الإنسان إلى الأخذ بأسباب العلم ، من خلال النهي عن اتّباع ما ليس له به علم ، فإن نفي الأخذ بالسلب يؤكد ضرورة الأخذ بالإيجاب. وهذا ما نريد أن نثيره في ساحة الصراع الفكري ، كمسلمين ، في ما نريد أن نلتزمه ، أو نناقشه ، أو نرفضه ، وهو البحث في الوسائل التي تكون أساسا للمعرفة ، لتكون هي الأساس للأدوات التي نستخدمها في الحوار ، لأن الابتعاد عن تحديد ذلك يجعل الحوار عقيما ، عند ما يلتزم كل فريق وسيلة يرفضها الفريق الآخر ، فلا يلتقيان على قاعدة ، بينما يعطي التّوافق على الوسيلة الثابتة علميا قوّة للحوار ، وذلك لما يعطيه من إمكانات الوصول