الكهف واستقروا فيه. وشعروا بالأمن والاطمئنان ، فرفعوا أيديهم إلى الله ، (رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) في شعور عميق بالانفتاح على الله في ساعات الشدّة ، التي لا مجال فيها إلا للرحمة الإلهية التي تفتح لهم أبواب الحلّ ، وتنزل عليهم ألطاف الخير ، وتسير بهم في اتجاه النجاة ... وربما كان لنا أن نستوحي من ذلك ، أنهم تركوا أمرهم إلى الله ، ولم يقترحوا شيئا محددا ، بل كانوا يتطلعون إلى الرحمة المطلقة التي تغمرهم بالفيض الإلهيّ من دون حدود.
(وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) في ما يريدون أن يواجهوه من مواقف أو يسيروا فيه من مسالك ، أو ينطلقوا إليه من غايات ، لأنهم لا يملكون وضوح الرؤية للمستقبل الذي ينتظرهم ، فقد كانوا يعيشون في الساحة التي يعرفونها جيدا ويعرفون كيف يتعاملون معها ، ولكنهم الآن في ساحة مجهولة لا يعرفون أين هي ، وكيف هي ، وما هي الأوضاع المحيطة بها ، الأمر الذي يجعلهم يخافون الضلال في هذا الجو الغامض الموحش الذي لا يعرفون مداه.
* * *
ضرورة الرجوع إلى الله في كل الأوقات
وهذا ما قد يحتاج العاملون في سبيل الله إلى استلهامه في أوقات الشدّة ومواضع الحيرة ، عند ما تضغط عليهم القوى الكافرة والطاغية بضغوطها الوحشية والهمجية ، ويتحيّرون في مفترق الطرق ، فلا يعرفون إلى أين يسيرون.
إن الرجوع إلى الله في طلب الرحمة ، وتهيئة سبيل الرشاد ، يمنح المؤمنين العاملين قدرا كبيرا من الاستقرار الروحي ، والطمأنينة النفسية ، والهدوء الفكري ، والثقة بالمستقبل ... من خلال الثقة بالله ، والاطمئنان إليه ،