والركون إلى ساحته الحصينة ... وبذلك يمكنهم مواصلة الطريق نحو الهدف الكبير ، بالرغم من كل الصعوبات والتحديات التي تحيط بهم من كل جانب.
(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) قال صاحب الكشاف : أي ضربنا عليها حجابا من أن تسمع ، يعني أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات ، كما ترى المستثقل في نومه يصاح به فلا يسمع ولا يستنبه ، فحذف المفعول الّذي هو الحجاب ، كما يقال : بنى على امرأته ، يريدون : بنى عليها القبة. (١).
وقال في مجمع البيان : ومعنى ضربنا على آذانهم سلطنا عليهم النوم ، وهو من الكلام البالغ في الفصاحة. يقال : ضربه الله بالفالج إذا ابتلاه الله به ، قال قطرب : هو كقول العرب : ضرب الأمير على يد فلان إذا منعه من التصرف ، قال الأسود بن يعفر ـ وكان ضريرا ـ :
ومن الحوادث لا أبا لك أنني |
|
ضربت عليّ الأرض بالأسواد |
وقال : هذا من فصيح لغات القرآن التي لا يمكن أن يترجم بمعنى يوافق اللفظ (٢). وهكذا تؤكد الآية المعنى الكنائي ، الذي يعبر عن هذا النوم الثقيل غير الطبيعي ، الذي يشبه الموت لو لا حركة الجسد التي توحي بالحياة ، في ما توحي به الآيات الأخرى.
ومرت السنون ... في عددها القليل أو الكثير ، في ما يختلف الناس فيه.
(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) من رقدتهم الطويلة ، كما يبعث الإنسان بعد الموت ، (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) أي ليظهر ـ من خلال ذلك ـ الفريق
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٢ ، ص : ٤٧٣.
(٢) مجمع البيان ، ج : ٦ ، ص : ٥٨٣ ـ ٥٨٥.