شيء في الأرض ولا في السماء ، ولا يدانيه شيء مهما كان عظيما ، لأن عظمته في ذاته ، بينما تنطلق عظمة كل شيء من فيوضات عظمته ورحمته ، بل هي مظهر عظمته في إعطاء كل شيء خلقه وقوّته وحركته في الحياة.
* * *
الكون يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحه
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) «سبحانه» كلمة ومضمون تنطق بها الموجودات كلها ، ممن تملك الوعي والإدراك والنطق ، وممن لا تملكه ، فكل موجود يفصح عن ذلك بمظاهر وجوده وخصائصه الدالة على عظمته وتنزيهه عن كل شريك ، مما يوحي بانفراده بكل عناصر العظمة في ذاته. وهذا ما يستوحيه الإنسان عند ما يتطلّع إلى السماوات ، فيجد فيها تلك العوالم الشاسعة الكبيرة المشتملة على أسرار الإبداع ، أو يتطلع إلى الأرض ، فيجد فيها الجبال والصحاري والبحار والأنهار ، والموجودات الكامنة فيها ، والمتحركة على صعيدها أو في أجوائها في ما لا يعرفه الإنسان من الموجودات الخفية ... إنه يحس بوجدانه وبفكره كيف تنطق هذه الأكوان والموجودات بعظمة الله ، فلا يملك إلا أن يخشع أمام العظمة المطلقة اللامتناهية ، ويعترف بأن الله ـ هو وحده ـ خالق ذلك كله ، ولكنه لا يستطيع أن يتدرك عمق هذه التسبيحات الكونية بما تختزنه من أسرار وما تثيره من أفكار ، لأننا لم ندرك من ذلك إلا القليل القليل.
وقد أثار صاحب تفسير الميزان بعض الحديث حول ما إذا كان التسبيح هنا ، في الموجودات الجامدة أو غير الناطقة ، تسبيحا حاليا ، يتمثّل الإنسان فيه