العملي بين مفهومي الفكر والموقف ، وبذلك يعمل المنافق على خداع نفسه وخداع غيره ، طلبا لبعض المكاسب والأطماع الشخصية. ويتفرّع عن هذا المرض الكثير من النتائج السلبية على حياته وحياة الناس من حوله ، من خلال ما يتحرك به من حركات معقّدة ، وما يثيره من أوضاع الاهتزاز الاجتماعي ، وما يواجهه من انتماءات متنقلة ، تتقلب في الساحة تبعا للرياح القادمة إليها من قريب أو من بعيد ، فيسيء بذلك إلى سلام المجتمع ، في واقعه الفكري والروحي والسياسي والاجتماعي والأمني ...
* * *
الصحة الروحية
وجاء القرآن ليثير الاهتمام بالصحة الروحية ، بالقوة نفسها التي يعيش فيها الإنسان الاهتمام بالصحة الجسدية ، وليؤكد على خطورة النتائج السلبية على قضية المصير في الدنيا والآخرة ، وليعرّف الناس ملامح هذا المرض في الفكر والسلوك والعلاقات ، ويفتح لهم المجالات الواسعة لالتماس الشفاء من مواقعه ، بالتركيز على صفاء الفطرة ، واستقامة الفكر ، وانفتاح الروح ، ومسئولية الحركة والموقف في الخط العام الذي يؤكد على المبدأ والمنهج ، وفي الخطوط التفصيلية التي تضع التطبيق السليم في خدمة النظرية. وفي هذا الاتجاه كان الإلحاح على تزكية الروح من الداخل حتى العمق ، وعلى تعليم الكتاب الذي يثير النظرية في خطوطها العامة والخاصة ، وعلى تعليم الحكمة التي تعرّف الإنسان مواقع التحرّك في دراسة الساحة من حيث الشخص والجوّ والظروف.
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ) لمن قرأه وتدبّره ووعاه وعمل به ، وحمله دعوة مفتوحة للحياة كلها وللناس كلهم ... في روح مليئة بالجدية والاهتمام والمسؤولية ، وبذلك يعرف كيف تكون سعادة الروح ، ونظافة الضمير ، وسلامة الوجدان ، وصفاء الفطرة ، واستقامة الحياة ... ويلتقي بالصحة النفسية من أقرب