القرآن قاعدة الهدى والحق
ويعود الحديث عن القرآن ، باعتباره الكتاب الذي أراده الله أن يكون قاعدة للهدى ، وأساسا لحركة الحق في الفكر والحياة ، لينطلق الإنسان في مسيرته من موقع الثبات القائم على الوحي المنفتح على الكون كله في جميع أوضاعه ، وعلى العقيدة كلها في جميع تفاصيلها ، وعلى الإنسان كله في جميع أفراده وامتداده في حركة الزمن ، فهو الحقيقة الثابتة التي لا مجال للشك فيها ، ولا موضع للزيادة والنقصان في آياتها.
(وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) فقد أراده الله أن يكون مصدرا للحقيقة في حياة الإنسان ، من خلال ما يمثله من فكر ومنهج وتشريع ، ليركز الوعي على أساس ثابت قويّ لا يهتز ولا يزول ، فليس هناك عبث ولا لغو باطل في أيّ موقع من مواقعه ، لأنّ الله هو الحق ، ولا يمكن أن يصدر منه إلّا الحق الذي تلتقي فيه الوسيلة بالهدف ، والنظرية بالتطبيق في انسجام كامل.
(وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) وذلك من خلال ما يبلّغه الرسول من آياته بكل صدق وأمانة ، فلا يضيف إليه منه أيّة كلمة مهما كانت ، لأن دوره هو دور المبلّغ الذي لا يملك الحق في أيّ تغيير بالنص الموحى به من الله سبحانه وهكذا نزل بالحق في ما كان يريد أن يؤكده من مبادئ وأفكار ، أو يحققه من مواقف ومواقع وأوضاع. وقد أراد الله للقرآن أن يثبّت الحق في الحياة وفي الإنسان ، وكان لله ما أراد في حركة القرآن في خط التبليغ والحركة والواقع.
وإذا كان القرآن قد أكّد على الحق ، كأساس للخط الذي يتحرك فيه الإنسان من خلال المضمون الفكري والتشريعي والعملي ، فلا بد لنا من أن نستوحي ذلك في كل أوضاعنا العامة والخاصة على مستوى الكلمات