(وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) للهدى أبوابه التي أغلقوها بأنفسهم ، باتباعهم سبيل الغفلة والإعراض عن الحق ، فكيف يهتدي الإنسان بدون عقل مفتوح ، أو أذن سميعة ، أو عين مبصرة؟! وهكذا يختار الإنسان لنفسه الضلال ، باختيار الأسباب التي تقوده إلى ذلك ، فليست الحتمية في الكفر كامنة في شخصيته ليكون مجبورا على ذلك ، بل هي كامنة في إرادته من خلال حركته في الاختيار ، عند ما يعطل إرادته عن التحرك في الاتجاه السليم.
* * *
الله الغفور ذو الرحمة
(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) الذي يحتوي الناس كلهم بمغفرته ورحمته ، سواء في ذلك غفرانه للذنوب من الأساس ، وإفاضته النعم عليهم من جميع الجهات ، أو تأخير العقاب عنهم مع استحقاقهم للتعجيل ، وإبقاؤهم في الحياة مع استحقاقهم للهلاك ... فإن ذلك من آثار مغفرته ورحمته. (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) لأن ذلك هو النتيجة الطبيعية للتمرّد على الله ومخالفة أوامره ونواهيه ، (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) جعله الله لعباده في مواجهة نتائج أعمالهم الخيّرة بالرضوان والثواب ، وأعمالهم الشريرة بالغضب والعذاب. (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) أي ملجأ يلجأون إليه منه ، ليهربوا منه ومن عذابه.
(وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) أنفسهم بالكفر والضلال والعصيان ، على أساس من الحكمة الإلهية في العقاب وفي تحديد موعده ، (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) ثابتا لا يتأخرون عنه.
* * *