بل يعودون إليها في الظاهر ، كالكثيرين من الذين يستعملون سبيل التقية للفرار من الموت ، أو للتخلص من الحرج العظيم. وهذا ما أكده الله في كتابه (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل : ١٠٦] ، وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) [آل عمران : ٢٨].
وعلى ضوء ذلك كيف ينفي الفلاح الأبديّ عنهم؟!
والجواب عن ذلك ، أن المسألة المطروحة أمامهم ، هو الالتزام بالخط الإلهي الذي يؤدي إلى الرجم والهلاك ، أو الانحراف عنه وهو الذي يؤدي إلى فقدان الفلاح الأبديّ ، باعتبار أن طبيعة الأمر تدور بين هذين الموقفين ، ولا خيار غير أحدهما : الهدى أو الضلال. ولم تكن مسألة التقية مطروحة لديهم كخيار ثالث ، كما لم تكن مطروحة عندهم في البداية.
إنهم يريدون الموازنة بين الموقفين من ناحية موضوعية ، لا من ناحية ذاتية ؛ والله العالم.
* * *
نموذج حيّ لوعد الله
(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) كيف حدث هذا؟ هل انكشف أمرهم من خلال هذا الشخص الذي أرسلوه إلى المدينة ليأتيهم بالطعام؟ ربما تذكر بعض الروايات ، أن أمره انكشف من خلال النقود التي استغربها أهل المدينة ، حتى خيل إليهم أنها جزء من كنز اكتشفه هذا الرجل ، أو لأن هذا الرجل بدا أمامهم غريبا في ملابسه ولغته ، أو لأنه استغرب هذا التغيير فتساءل ، فأثار سؤاله الاستغراب ، فقالوا له : من أنت ، ومن أين جئت؟ فأخبرهم ، فاجتمع الناس عليهم بعد أن قادهم إلى موضع الكهف ، فأماتهم الله بعد أن سألوه ، أو أرجعهم إلى ما كانوا عليه.