الكهف ، أو الوادي الذي فيه الجبل ، أو البلد الذي خرجوا منه.
وقيل إنهم جماعتان ، فصّل الله قصة جماعة ، ولم يفصّل قصة الأخرى ، ولكن هذا بعيد عن طبيعة الجوّ وحركة القصة في القرآن ، لأن إهمال قصة أصحاب الرقيم ، بعد التعرض لذكرهم ، يبتعد عن جانب البلاغة في القرآن ، لأن طريقة التفاهم بين الناس في أبسط مواقعها لا تسمح بأن يهمل الإنسان الحديث عن شيء أو شخص أو جماعة ... بعد أن يكون قد ذكرها بالاسم في بداية الكلام ، لأن ذكر ذلك يثير الاهتمام بالمعرفة ، ويدعو المتكلم إلى الاستجابة إلى ذلك.
* * *
الفرار من الظلم والاضطهاد
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) واستقرّوا فيه. ولكن لماذا جاءوا إليه؟ هل أرادوا الخلوة للعبادة أو للتأمّل أو للعزلة عن الناس ـ كما يفعل النسّاك في العصور السابقة في ما يحدّثنا به التاريخ عن الكثيرين منهم ـ أم أنهم أرادوا الفرار بأنفسهم من اضطهاد الظلمة أو الكفرة الذين يضغطون على حرية المؤمنين والمستضعفين؟
إن الآية لا تصرّح بشيء من ذلك ، ولكن الروايات تؤكد موضوع الفرار من الاضطهاد. فقد جاء في تفسير القمي ـ كما نقل عنه صاحب الميزان ـ عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ، قال : إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبّار عات ، وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام ، فمن لم يجبه قتله ، وكان هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عزوجل ، ووكل الملك بباب المدينة ، ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد للأصنام ، فخرج هؤلاء بعلّة الصيد ،