وذلك أنهم مروا براع في طريقهم ، فدعوه إلى أمرهم فلم يجيبهم ، وكان مع الرّاعي كلب ، فأجابهم الكلب وخرج معهم.
قال عليهالسلام : فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلّة الصيد هربا من دين ذلك الملك ، فلما أمسوا ، دخلوا إلى ذلك الكهف والكلب معهم ، فألقى الله عليهم النعاس (١).
وقد تكاثرت الروايات في الحديث عن خصوصياتهم وخصوصية الملك الذي كانوا في زمانه ، وكيفية خروجهم ، وما إلى ذلك من أمور لا دخل لها بالفكرة القرآنية في نطاقها العام. ولكن الروايات تتفق على فكرة الخروج على أساس التخلّص من ظلم الظلم الكافر ، الذي يريد أن يفرض على الناس وعليهم عبادة الأصنام ، بالقهر والتعسّف. ولم يكن بهم قدرة على المواجهة أو العيش في ظل هذا الجوّ الضاغط ، لأنهم لا يجدون مبررا للخضوع له ، ليكونوا بانسجامهم مع الكفر مصدر ضلال للناس ، فكانت خطتهم الهرب والخروج إلى منطقة خفيّة يبتعدون بها عن مواطن الضغط الشديد ، ليستطيعوا التخطيط بهدوء للمرحلة المقبلة. وقد يكون اختيارهم لهذا الكهف ، الذي يبدو أنه لم يكن بعيدا عن البلد ، ليكونوا قريبين إلى الناس هناك ، فلعلهم يأتون إليهم أفرادا ، أو لعلّهم يذهبون في الليل خفية عن الأعين ليجتمعوا بهم ، ليتابعوا الدعوة إلى الإيمان ، لأنهم لا يريدون الهروب من المسؤولية. وربما كانوا حائرين في أمرهم ، لا يعرفون السبيل إلى الامتداد في خط الدعوة ، ولا يملكون الخطة التي يواجهون بها المرحلة ، فأرادوا أن يأخذوا بعضا من الوقت للتفكير وللابتهال الخاشع إلى الله ليلهمهم الصواب ، في ما يريدون الانطلاق فيه.
قد يكون هذا كله ، أو بعضه ، هو ما كانوا يعيشونه عند ما اندفعوا إلى
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ٢٧٦.