كل سوء ، ليأخذ القوة من ذلك كله. وتتجسّد كل هذه الذكريات في عقله ووجدانه وشعوره وحسّه ، فتنفتح روحه بالحنان ، وهو يشهد هذا الضعف الذي يرزحان تحته ويعانيان منه ، ويستذكر أنه كان أحد أسباب ذلك ، فيبتهل إلى الله في دعاء خاشع ليرحمهما ويرعاهما ويحفظهما ، لأنهما كانا يعيشان الرحمة له ، ويعانيان الجهد في تربيته ، لأن الله قادر على ما لا يقدر عليه من ذلك ، فرحمته تملك خير الدنيا والآخرة ، بينما لا يملك ـ هو ـ من ذلك شيئا.
* * *
حدود طاعة الوالدين
وهكذا نجد أن الله يريد أن يعمّق الشعور الإنساني في نفس الولد تجاه أبويه بالرحمة والمحبة والإحسان ، ليشعرا بأن هذا الجهد الذي بذلاه لم يذهب سدى ، فهناك نوع من التعويض الروحي قد حصلا عليه. وعلى ضوء ذلك ، فإن الطاعة التي يريدها الإسلام ، في طاعة الولد للوالدين ، هي طاعة الإحسان والشفقة وليست طاعة المسؤولية من خلال طبيعة المضمون الذي تحتويه أوامرهما ونواهيهما ، كما هو الحال في طاعة الله والرسول وأولي الأمر. فلو أمراه بما هو على خلاف المصلحة في دينه أو دنياه ، أو بما فيه المفسدة في ذلك ، فلا يجب عليه إطاعتهما ، ولكن لا بد له من أن يواجه الموقف بكثير من المرونة في الجوّ والأسلوب عند إرادة المعصية.
* * *