الشكلي والمظهر الخارجي للإنسان ، حتى يتحول إلى أخلاق حيّة متجسّدة تتحرك بين الناس ، فيرى الناس فيه الموعظة في القدوة ، كما يرون فيه الموعظة بالكلمة.
وقد تحدثت الآية عن ذلك من خلال إبراز الجانب السلبي المضاد ، الذي يوحي بالجانب الإيجابي المنسجم مع الخط الإسلامي المستقيم.
* * *
الله يسخر من المتكبرين
(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) وهي مشية الخيلاء والزهو والتكبّر والعظمة ، المملوءة بالفرح الداخلي المتحرك من مواقع الأنانية ، النابضة بالإحساس المرضيّ باحتقار الآخرين. ولماذا تمشي هذه المشية الاستكبارية التي تدقّ فيها الأرض بقدميك بقوّة ، حتى تكاد تسمع صراخ الأرض من تحتهما ، وترفع رأسك وعنقك وكتفيك في وقفة استعلاء ، كما لو كنت تريد أن تزيد في طولك مقدارا يعلو عن طولك الطبيعي؟ هل تريد أن تخرق الأرض فتنزل إلى أعماقها ، أو تريد أن تبلغ الجبال في طولك؟ إن الأرض ستبقى في صلابتها التي لن تتأثر بضربات قدميك ، وحجمك سيظل في ارتفاعه الطبيعي دون أن يزيد بوصة واحدة ، فلما ذا تجهد نفسك وترهق قوتك بهذا العناء ، هل لتوحي للآخرين بأنك عظيم وكبير في ذاتك ، كما أنت كبير وعظيم في طريقة سيرك؟ أيّها الإنسان كن واقعيا وتواضع ، فإنك لن ترتفع ألا بعلمك وإيمانك وأخلاقك واحترامك للآخرين ، وخذ حجمك الطبيعي وتحرّك من خلاله. (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) إنها الكلمات الإلهية اللاذعة المليئة بالسخرية والاحتقار لهذا الإنسان ، الذي يريد أن يرتفع من مواقع السقوط ، ويكبر من مواقع الصغار.
* * *