وقد تكون القصة صادفت تعجّبا واستغرابا لدى الناس آنذاك ، لأنهم إذا كانوا يستبعدون أن ينكرون عودة الناس إلى الحياة بعد الموت في يوم القيامة ، فكيف يتقبلون عودة بعضهم إلى الحياة في الدنيا بعد أن شبعوا موتا مدة ثلاثة قرون أو تزيد؟! وهذا ما جعل القرآن الكريم ـ في هذه الآيات ـ يستنكر اعتبارها أمرا عجيبا يدعو إلى الاستنكار ، لأن العجب إنما يكون في فعل الإنسان لما هو غير عاديّ أو مألوف ، أمّا ما يكون من آيات الله ، فإن المسألة لا تدعو إلى أيّ استغراب ، لأن الكون كله ، في مظاهره الكونية أو الإنسانية أو الحيوانية ، مظهر لقدرة الله التي لا يعجزها أو يقف أمامها أيّ شيء.
وهذا ما أراد القرآن أن يعمّقه في وعي الناس من خلال القصة ، وما توحي به من فكرة البعث ، كنموذج حيّ مصغّر للفكرة ، بالإضافة إلى الدروس الأخرى التي تريد للدعاة إلى الله أن يتمثلوها في وجدانهم الثقافي وحركتهم العملية في خط الدعوة والجهاد.
* * *
أصحاب الكهف والرّقيم
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) هل تظن أن هناك عجبا في قصة هؤلاء ، التي كانت آية من آيات الله ، فهل يعجب أحد من آياته؟!
والظاهر أن هؤلاء جماعة واحدة ، وإن ذكروا باسمين ، فهم أصحاب الكهف لدخولهم فيه وحدوث ما حدث لهم في داخله ، وهم أصحاب الرقيم ، لأن قصتهم ـ كما يقال ـ كانت مكتوبة في لوح منصوب هناك ، أو في خزانة الملوك. وهناك وجوه أخرى ، يقول بعضها إن الرقيم اسم الجبل الذي فيه