وقد أحيط بثمره ، يقلب كفيه على ما أنفق فيها من ثروته ويقول : (يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً).
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) من كل جهة ، فلم يبق هناك أيّ أثر للحياة فيه ، بل أصابه الهلاك والفناء من كل جانب ، وأحس أمام ذلك بالضياع والسقوط ، فقد فقد كل شيء لأنه صرف كل ثروته في هذه الأرض ، لتكون الضمانة له في مستقبل حياته ، وها هو الآن يواجه مصيرها المحتوم ، فنتمثله حائرا ضائعا لا يملك أيّ شيء (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها) من مال ، (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) وذلك كناية عن كمال الخراب ـ كما قيل ـ فإن البيوت الخربة المتهدّمة تسقط أولا عروشها ـ أي سقوفها ـ على الأرض ، ثم تسقط جدرانه على عروشها الساقطة ـ والخويّ السقوط ـ ويشعر في هذا الجو بالحسرة الكبيرة على موقفه المتمرّد على ربه ، إذ إنّه أشرك به في العقيدة والعبادة.
(وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) ولم أبتعد عنه في ما أراده لي من الخير في خط الإيمان ، وفي حركة الطاعة التي لا تتحرك بالإنسان وبالحياة إلّا إلى الحق والخير والصفاء والطهارة.
* * *
الإيمان بالله هو الحقيقة الثابتة
ويتجسّد ـ في نهاية المطاف ـ الدرس الرائع ، حيث نجد الإنسان الطاغي المتجبّر ، المزهوّ بذاته وبثرائه ، عاريا من كل شيء أمام الحقيقة الكبيرة التي تملأ الكون كله ، فلا نرى هناك إلا الذي يمنح ويأخذ ، ويعطي ويمنع ، فله الولاية الحق على كل شيء ، ولهذا فإن الإيمان به ، واللجوء إليه ، والاستسلام