آياته واهتدوا به ... إلى الحديث عن هذا القرآن الذي أنزله الله على رسوله ـ خاتم الأنبياء ـ ليكون خلاصة الرسالات السماوية في المبادئ العظيمة التي تتحرك فيها القيم الروحية الإنسانية ، في ما يمكن أن يكون زادا للحياة كلها في عقائدها ومفاهيمها وشريعتها ومناهجها الخاصة في الفكر والحركة والسلوك ، مما يحمل في داخله الإيجابيات الكبيرة على مستوى سلامة المصير للسائرين عليه ، كما يحتوي السلبيات المصيرية للمنحرفين عنه. وذلك هو شأن كتب الله المنزّلة على عباده ، فهي الهدى لمن اهتدى بها ، وهي الحجة على من ابتعد عنها في الخط الفاصل بين الجنة والنار.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) أي للملّة ، أو للطريقة ، أو للشريعة ، أو للحياة التي هي أكثر اتصالا بخط الاستقامة والتوازن بين خصائص الإنسان وعناصر الحياة ، فلا يطغى جانب على آخر ، فتتوازن الدنيا والآخرة والمادة والروح ، في حركة مشاريع الإنسان وخطواته وعلاقاته ، فلا يفكر بالدنيا بعيدا عن الآخرة ، ولا يعيش أجواء الروح ، في انفصال عن أجواء المادة ، بل تتروّح المادة في وعيه ، وتتجسّد الروح في خطواته ، وتلتقي الدنيا بالآخرة في جميع الأفعال التي تتحرك من مسئوليته في الحياة أمام الله ... وهكذا يتحرك الإنسان في الحياة الفردية بالطريقة التي لا تسيء إلى الحياة الاجتماعية ، في الوقت الذي لا يلغي فيه المجتمع شخصية الفرد وحريته في نطاق الذات ، وبذلك كان الإسلام دينا واقعيا لا يبتعد بالإنسان عن الحياة عند ما يريد أن يربطه بالله ، بل يؤكد له صلته بالله بمقدار تأكد صلته بالناس وبالحياة ، باعتبار أن ذلك هو موضع رضا الله.
* * *
لا بد من فهم الإسلام بطريقة متوازنة
وفي ضوء ذلك ، لا بد للمسلم من أن يفهم الإسلام بطريقة متوازنة