عن أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين. فأنزل الله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) الآية»(١).
فإن نلاحظ على ذلك ، أن هذا التوجيه لا يظهر من الآية ، فإن الظاهر منها هو التأكيد على عدم الاقتصار على أيّ اسم من أسماء الله في الدعاء ، لأنها ـ بأجمعها ـ تشير إليه ، وليست في معرض الحديث عن تعدد الآلهة في العبادة ووحدتها. وقد يكون من البعيد أن الوثنيين يتوجهون إلى الأسماء حتى لو كان مظاهرها الأبناء من الملائكة والجن ، فإن التدبّر في حديث القرآن عن هؤلاء يوحي بأنهم يعبدون الأوثان أو الملائكة أو الجن ، باعتبار قربهم إلى الله ، بطريقة أو بأخرى ، لا باعتبار أنهم مظهر الأسماء أو ما يقرب من ذلك ؛ والله العالم.
* * *
أسماء الله ليست توقيفية
(قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) أو أيّة كلمة من أسماء الله تريدون أن تدعو الله بها. (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فإن العبرة بالمضمون الذي تدل عليه الكلمة ، في ما تدل عليه من ذات الله ، فلا مشكلة لأنه هو الذي يعطي الاسم حسنه وقداسته ، مما يجعل أيّ اسم من أسمائه اسما حسنا.
وقد نستوحي من هذه الفقرة من الآية أن أسماء الله ليست توقيفية ، فللإنسان أن يدعوه بأي اسم يعبر به عمّا يتناسب مع جلاله وكماله ، فليست هناك حالة رسمية على مستوى المصطلح. وهذا ما نلاحظه في كل الأسماء
__________________
(١) الدر المنثور ، ج : ٥ ، ص : ٣٤٨.