الحمد المطلق لله تعالى
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) والحمد يعني الثناء. هذه الكلمة توحي بالحمد المطلق في وعي عميق للجانب الذي ينطلق فيه الثناء. (الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) الكامل الشامل لمصالح الإنسان التي يحتاجها من فكر وعمل ومنهج للحياة في ما أجمله من ذلك ، أو في ما فصّله ، في الخط المستقيم الذي لا التواء فيه ولا انحراف. (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) أي لم يجعله ملتبسا لا يفهم ومعوجّا لا يستقيم.
* * *
امتداد القرآن في حياة الإنسان
وهذا التأكيد على الجانب السلبي في التعبير عن الاستقامة في كتاب الله ينطلق من دراسة الفكر ، الذي يثيره القرآن بوضوح وبساطة تجعله قريبا من الوجدان ، في الوقت الذي لا يكون فيه بعيدا عن العمق ، لأنّ عمقه لا يعيش في أجواء التكلف للفكرة والتعقيد في حركتها ، بل ينطلق من امتداده في الجانب العميق من حياة الإنسان ، ومن دراسة التشريع الذي يواجه حاجات الإنسان من موقع الفطرة السلمية ومن طبيعة الواقع الذي يتحرك فيه ، مما يجعله يتحرك في خط التوازن الذي لا يغفل أيّ جانب من جوانبه ، فلا يميل فيه جانب على جانب ، بل تلتقي فيه الجوانب كلها في خط التكامل الإنسانيّ. وهكذا ينطلق المنهج القرآني في أجواء العقل والتجربة ، ليستفيد من الملاحظة الفكرية إلى جانب الملاحظة الحسية ، في استلهام الفكرة التي تحكم حياته الفكرية والعملية. وهذا ما يجب أن يستلهمه القارئ الواعي للقرآن ، لئلا يقع