التمرّد على الله ومعصيته ، ويكون انطلاقة للوعي الفكري الذي يوحي بالثقة بتنظيم الله للكون على مستوى التكوين والتشريع ، وإرسال الرسل الذين يقودون الناس إلى الخير ، وإنزال الكتب التي توجه الحياة إلى التخطيط الدقيق الذي يعطيها هداها.
* * *
اهتزاز الكون بالتسبيح
(وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) بما ميزناهم من مواقع العمل ، وطبيعة المعجزة ، ونوعية الكتب ، وذلك بمقتضى الحكمة التي أقام الله الحياة عليها. (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) هذا الكتاب الذي يتميز بالكلمة الأحسن المشتملة على حمد الله وتسبيحه ، وبالأسلوب الأحسن الذي يثير أعمق مشاعر الإيمان ، في الانفتاح على الله سبحانه ، والخضوع له ، والخشوع أمام جلاله ... وهكذا كان هذا السحر اللفظي ، والمضموني ، والروحي الممتزج بالسحر الصوتي الذي يتميز به نبي الله داود عند ما يقرأ الزبور ، يوجب الاهتزاز الكوني بالتسبيح لله ، حتى لتحس بأن الكون يسبّح من حوله ، والطيور تسبّح من فوقه.
ولعل في هذا بعض الإيحاء بأن الله قد يجعل الفضل بالكلمة الأحسن ، والأسلوب الأحسن ، لأن الحياة قد تفتح قلبها للحقيقة من خلالهما ، وقد تهتز لمشاعر الإيمان أمامهما ، ولأن ذلك يحقق إنسانية الإنسان في احترامه للآخرين ، الذي يؤدي إلى احترام الآخرين له ولفكره من موقع المحبة والانفتاح.
* * *