كيف نفسر الآية؟
ذكر صاحب تفسير الميزان ، عن عيون أخبار الرضا ، بإسناده عن علي بن محمد بن الجهم ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام أن المأمون سأله : أخبرني عن قول الله : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) [التوبة : ٤٣] قال الرضا عليهالسلام : هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة ، خاطب الله بذلك نبيه ، وأراد به أمته ، وكذلك قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) [الزمر : ٦٥] وقوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) قال : صدقت يا بن رسول الله (١).
وعلى ضوء هذا ، فإن الجواب عن المشكلة ، أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس هو المعنيّ بالأمر الذي تضمنته الآيات ، بل المعني به هو المسلمون ، في ما يواجههم من أساليب الكفار بالانحراف عن الخط المستقيم للحصول على محبتهم وصداقتهم.
ولكن لا بد لنا من التأمّل في هذه الآيات ، لندرس طبيعة الأسلوب الذي جاءت به ، للوصول إلى هذا الخطاب للأمة من خلال النبي ، فنلاحظ ، أن الآية الأولى قد أثارت وجود أساليب مؤثّرة ، لفتنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عما أوحى الله إليه ، وهي أساليب توحي بقوّتها وتأثيرها بالمستوى الذي يمكن له أن يضغط على المشاعر والأفكار ، التي لا تعيش الالتزام العميق بالرسالة ، والثبات الصلب على المبدأ ، والوعي المنفتح على الأساليب الملتوية المحيطة به ، لذا يمكن أن تكون واردة في مقام تصوير الحالة في ذاتها ، من خلال طبيعة العناصر الموجودة في داخلها ، بقطع النظر عن خصوصية الشخص الذي توجّه إليه ، في
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ١٧٤ ـ ١٧٥.