هل التكريم أصل فقهيّ؟
وقد يخطر في البال ، أن لا يكون هذا الإعلان عن تكريم الله لبني آدم مجرد حديث عما أفاض الله على الإنسان من ألطاف التكريم التكويني في طبيعته ودوره في الحياة ، بل يتعدّاه إلى الخط التشريعي الذي يوحي بكرامة الإنسان كأصل من أصول النظرة القرآنية إليه ، بحيث تؤكد كل تصرّف يكرّس كرامته ، وترفض كل ما يؤدي إلى إهانته من موقعه الإنساني ، بعيدا عن العناوين الثانوية التي قد تجيز إهانته والتعدي على حرمته ، على أساس بعض الأوضاع أو الصفات أو الانتماءات المنحرفة عن خط الله ... فتكون لنا من خلال ذلك قاعدة شرعية ، هي احترام الإنسان في نفسه وماله وعرضه ، كأصل إسلاميّ فقهيّ ، لا يجوز الخروج عنه إلا بعنوان آخر مخصّص له.
وقد يكون الأساس في استيحاء هذا الأصل الفقهي من الآية ، هو أن الله إذا كرّم بني آدم في إعدادهم التكويني والعملي ، فإننا نستفيد من ذلك أنه يريد لهم أن يؤكدوا هذه الكرامة على مستوى وجودهم الحياتي وفي علاقاتهم الاجتماعية التي تحكم تصرف كل واحد منهم تجاه الآخر ، سيما وأن التصرف السلبي المخالف لذلك يتنافى مع خط الكرامة الإلهية للإنسان ، لأنه ينتهي إلى الإهانة لمن يريد الله احترامه.
أمّا ما ثبت في الشرع من جواز التعدّي على أنفس بعض الناس وأموالهم وأعراضهم ، فلأنهم أهدروا احترام إنسانيتهم بالانحراف عن الخط ، الذي أراد الله لهم أن يحترموا أنفسهم ودورهم فيه ، فابتعدوا عن مواقع الكرامة باختيارهم ، فلا مجال لاحترامهم بعد ذلك ..
وقد نستطيع استيحاء النظرة الإسلامية إلى بعض الأعمال التي يقوم بها