المستضعفون في بعض البلاد ، كالهند ونحوها ، من جر العربة التي يركبها الناس مكان الحصان أو الدابة التي تقوم بذلك ، فنرى أنها أمور تتنافى مع مظهر الكرامة الإنسانية ، وأمثال ذلك من الأوضاع السلبية الموجودة في أكثر من مكان.
إننا نريد إثارة هذه المسألة ، لما يترتب عليها من آثار شرعيّة عمليّة ، ولما تثيره من مفهوم إسلاميّ أصيل حول الخط الإنساني في الإسلام. وإننا نستقربه من ناحية علمية على أساس الاستيحاء الاستظهاري من الآية. وعلى ضوء هذا ، فإننا لا نجد ضرورة للبحث عن أساس لاحترام الإنسان من خلال عنوان معين ، بل يكفي عدم وجود عنوان آخر مضادّ لذلك حسب الأدلة الخاصّة. وندعو إلى مناقشة هذا الرأي من ناحية تفسيرية وفقهية.
(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) فسخرنا لهم قطع البراري والقفار ، وتسلق الجبال ، وركوب البحار بالوسائل التي أعدّها الله للركوب ، أو التي ألهم الإنسان لمعرفتها والقيام بصنعها ، للتخفيف من عناء التنقل وحمل الأثقال ، واختصار الزمن ، والوصول إلى الغايات الكبرى في الحياة من أقرب طريق. وهذا مظهر حيّ من مظاهر تكريم الله للإنسان ، لأنه لا يريد له الوقوع في الجهد والمشقّة التي تثقل وضعه وتعطّل كثيرا من حركته في الوجود.
(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) في ما يأكلون ويشربون ويتلذذون ويستمتعون ويلبسون أو يسكنون ، ليعيشوا الحياة في رخاء ورفاهية وراحة ، بعيدا عن الضيق والتعب وشظف العيش.
(وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) كالحيوان والجنّ ، اللذين يعيشان في الأجواء التي يعيش فيها بنو آدم ، والتفضيل لا يأتي عبثا بل يعود لقابلية الإنسان ، وللدور الذي أعدّه الله للإنسان في مسئوليته عن الحياة ، وعن المخلوقات الموجودة فيها ، كما ألمحنا إلى ذلك ـ في صدر تفسير الآية.
* * *