ماذا نستوحي من صفة العبودية لله؟
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) ربما كان وصف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعبودية لله تعالى ، للإيحاء بالعمق الروحي الذي يعيشه في خضوعه لله ، وإحساسه بعبوديته له في وعيه المنفتح على سرّ الألوهية في رحاب العظمة ، وإخلاصه لدوره الرسالي في خدمة الرسالة ، واستغراقه في الامتثال لإرادة الله في ما يأمر به وما ينهى عنه ، على مستوى التبليغ والدعوة والحركة والحياة ، حتى كأنّ رسالته جزء من حركة العبودية في ذاته ، ولون من لطف الله به وتقديره لروحيته ، لأن ذلك هو الذي يعمّق في الإنسان الإسلام لله في كل أموره ، فيحمله على الذوبان في خدمته ، ويندفع إلى المسؤولية الملقاة على عاتقه بكل إخلاص واستسلام ، ويلتقي من خلال ذلك بالناس في أجواء الدعوة على خط العبودية التي تتجسّد في كيانه ، ليجسدها في كيان الآخرين فكرا ومنهجا وحركة حياة. وهكذا تلتقي الرسالة بالنبي ـ القدوة في إخلاص العبودية ، كما تلتقي بالنبي ـ الكلمة في الدعوة إليها.
وهذا ما يجب أن يتمثّله الدعاة إلى الله ، العاملون في سبيل رسالته ، أن يتمثّلوا العبودية لله في وعيهم الفكري والروحي ، وفي خطواتهم العملية ، لينفتحوا على الإخلاص له ، فلا ينحرفوا بخطواتهم ومشاعرهم ذات اليمين وذات الشمال ، لينطلقوا في الدعوة من موقع المعاناة وفي العمل من موقع الواقع ، وليؤكدوا دورهم من خلال الصدق ، ليكونوا دعاة للناس بغير ألسنتهم عند ما يكونون عبادا مخلصين لله قبل أن يكونوا الدعاة إلى عبادته.
وربما كان لنا أن نستوحي من الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خلال صفة العبودية لله ، كيف ينبغي لنا أن نتحدث عن العظماء على مستوى الأنبياء والأولياء والعلماء والأقوياء ، فلا نستغرق في استذكار عظمتهم الذاتية ، بعيدا