تبرير العبد الصالح خرقه للسفينة
وبدأت الإجابات على علامات الاستفهام التي ارتسمت في ذهن النبي موسى عليهالسلام ، ومضى العبد الصالح العالم يفسر أفعاله.
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) ويتعيشون منها ، فهي التي تحفظ لهم كرامتهم ، وتعينهم على القيام بمسؤولياتهم في إدارة شؤونهم العامة والخاصة ، (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) وأفتح فيها ثغرة تمنع الطامعين بمصادرتها ، لقلّة الرغبة في السفينة المعيبة ، لأحفظها لهم. (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ) صحيحة (غَصْباً) ، فما فعلته لم يكن عدوانا على الراكبين فيها والعاملين عليها ، بل صيانة لحقوق أصحابها ، مع ملاحظة أن الثغرة لم تعرّضها للخطر ، ولم تغرق الراكبين فيها ، ولهذا نزلنا منها ، كما نزل الآخرون على خير وسلامة ، فأيّة مشكلة في هذا قد تنافي العقل والعدل والشريعة؟
* * *
توضيح سبب قتل الغلام
(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) من الذين يمثلون الإيمان الفاعل المتحرك الذي يريد الله له أن يتجسد في الواقع بقوّة وصلابة وامتداد ، ولذلك كانت إرادته في أن يجنّبهما التجربة القاسية التي يتعرض لها الأبوان في الصراع بين العاطفة والواجب ، عند ما يكون لهما ولد منحرف يعيش في دائرة الكفر والضلال. (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) وذلك باستخدام موقعه العاطفي في سبيل إغوائهما للسير في خط الكفر والطغيان ، أو يكون المراد ـ كما يذهب.