من مكّة. عن مجاهد وقتادة ، وقيل : نزلت في اليهود بالمدينة ، لمّا قدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة ، قالوا له : إن هذه الأرض ليست بأرض الأنبياء وإنما أرض الشام ، فائت الشام. عن ابن عباس (١).
* * *
ثبات في مواجهة الضغوط
(وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) كان المشركون يقومون بعده محاولات للضغط على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، من أجل أن يخرجوه من مكة ، ويتخلصوا من حركة الدعوة الإسلامية التي تخرّب كل مخططاتهم ، وتفسد عليهم شبابهم ، وتهدّم كل امتيازاتهم المتصلة بالجاهلية ، ولكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يثبت أمام كل تلك الضغوط ، لأن مسألة وجوده في مكة ليست من المسائل المرتبطة بالجانب الذاتي ، أو بالحالة الأمنية المحلية العامة ، بل كانت مرتبطة بالدور الذي أراد أن يقوم به في مكة ، باعتبارها قاعدة للانفتاح على كل ما حولها من البلاد ، أو كل من يتصل بموقعها في مواسم الحج والشعر والتجارة ، فيهيّئ ـ من خلال ذلك ـ القاعدة الجديدة التي ينطلق منها إلى العالم من مواقع القوّة. فذلك ـ وحده ـ هو الذي يمكن أن يمهّد لإشارة الانطلاق إلى الخروج من مكة. ولهذا ، فإننا نعتبر أن الهجرة لم تنطلق من حالة ضغط ، وإن رافقتها تلك الحالة ، بل انطلقت من طبيعة الخطة التي كانت الهجرة فيها نهاية مرحلة ، وبداية مرحلة أخرى.
(وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) فلا يمكثون بعدك إلا قليلا في
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٦ ، ص : ٥٥٨.