العمل صورة الشخصيّة الداخليّة
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) إن العمل هو صورة الشخصية الداخلية للإنسان ، لأنه يعبّر عن العناصر الذاتية التي تتمثل في الأفكار والمشاعر والأساليب والعلاقات ... وذلك على أساس أن الإنسان إنما يتحرك من موقع العوامل الفكرية والنفسية والعاطفية التي توجّه حياته ، وبذلك اختلفت أعمال الناس تبعا لاختلاف مكوّناتهم الشخصية ، فإذا كان الشخص ذا شخصية عقلانية هادئة ، فإنه يواجه المشاكل بطريقة موضوعية بعيدة عن السرعة والارتجال ، أما إذا كان ذا شخصية انفعالية ثائرة ، فإنه يعالج القضايا بطريقة انفعالية سلبية سريعة التأثر بما حولها. وهكذا نجد الشخصية العالمة ، والجاهلة ، أو الشجاعة والجبانة ، أو الكريمة والبخيلة.
* * *
وقفة مع حرية الإرادة
ولكن قد يتساءل البعض ، إذا كان العمل تابعا للشخصية في مكوّناتها الذاتية ، وفي عناصرها الخاضعة للمؤثرات الداخلية من حيث المزاج ، أو للمؤثرات الخارجية من حيث الظروف والأوضاع ، فأين يكون موقع الاختيار وحرية الإرادة في تصرفات الإنسان ، ما دام خاضعا لمزاجه الانفعالي أو العقلاني ، أو لشخصيته العالمة أو الجاهلة ، وما إلى ذلك؟!
والجواب عن ذلك : أن المؤثرات الداخلية أو الخارجية التي تمثل عناصر الشخصية ، قد تثير في حياة الإنسان الأجواء السلبية أو الإيجابية المتصلة بها ، ولكنها لا تفرض نفسها عليه بحيث تلغي إرادته وتشلّ حركته ،