حيث لا يحتسب ، فيرجع إليه في ابتهال الخاضع ، وإنابة المنيب ، وروحية العبد الضعيف الذي يستمد القوّة من الله عند ساعة الشدة.
إنه الإنسان الضعيف في حال قوته وضعفه ، فهو الضعيف حال القوة ، لأن نظرته المستغرقة في مظاهر القوة المادية تضعف وضوح الرؤية عنده وإرادة الجدية في حركة الحياة من حوله. فهو ضعيف أمام الواقع القويّ المحيط به ، إذ يشعر أنه أكبر منه ، ويتصاغر حجمه عنده ، وهو الضعيف الذي ينسحق عند ما يعيش اليأس والسقوط والانهيار أمام كل عناصر الضعف ، ولا يحاول أن يستجمع عناصر القوّة من حوله ، من خلال التطلع إلى مصدر القوّة للحياة كلها ، وهو الله سبحانه.
وإذا كانت الآية تعرّضت للجانب السلبي في حياته ، أمام الحالتين ، وحاولت أن تبرز الصورة المشوّهة لحركته ، فإنها لا تريد أن تعقّده أمام ذلك ، بل تريد إثارة إرادة التحدي في شخصيته ، من أجل أن يتحرك نحو مواجهة المستقبل من مواقع الإيمان الذي تتوازن فيه الشخصية في حالتي القوة والضعف ، فلا تطغيها القوة ، ولا يسقطها الضعف ، بل تظل مشدودة إلى الله ، لتشعر أن القوة منه ، وأن الضعف يمكن أن يتحول إلى قوّة من خلاله. والمقصود بالشر ، هو الحوادث التي تصيب الإنسان بنقص في جسده ، أو في ماله ، أو في عرضه ، أو في نفسه ، كالمرض والفقر والخوف والخسارة والهزيمة والموت ، ولعل التعبير عنها بالشر ، باعتبار انعكاسها السلبيّ على صاحبها. ولكننا إذا نظرنا إلى علاقتها بالواقع الكوني ، فإننا نجد فيها انسجاما مع الحكمة التي أقام الله الكون عليها ، مما يجعلها خيرا بالنسبة إلى الواقع العام للإنسان ، وإن كانت شرا ذاتيا بالنسبة إلى هذا الشخص بالذّات.
* * *