التي وعد بها عباده المتقين. وأية معاملة أكثر سوءا من معاملة يستبدل فيها الشيطان بالله؟!
ثم ماذا هناك؟ وماذا يملك هؤلاء الشركاء الذين أطاعوهم وعصوني ، واتّبعوهم وتركوني ، وأحبّوهم وأبغضوني؟ وما خصائصهم الذاتية والنوعية التي يتميزون بها ، ليكونوا أرفع درجة من بقية الناس ، بحيث يمكن لهم أن يحملوا بعضا من أسرار الألوهية في ذلك ، ليرتفعوا إلى درجة الشرك بالله؟! إنهم لا يملكون أي شيء من ذلك ، بل هم مثل الناس الآخرين في ملامحهم الشخصية ، وعناصرهم النوعية.
(ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فلم يكونوا أسبق الخلق ، بحيث شهدوا خلق السموات والأرض دونهم ، ليكون ذلك أساسا للتفكير بأنهم قد شاركوا الله في بعض ذلك ، (وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) وكيف يمكن أن يشهدوا ذلك وهم في دائرة العدم؟! وذلك جار على سبيل الكناية عن عدم إحاطتهم بالواقع الكوني ، وبالواقع الذاتي لأنفسهم ، لأنه كان أسبق منهم ، فكيف يمكن أن تكون لهم السيطرة عليه ، وهم لم يعرفوا شيئا من أسراره؟! ولعل في التعبير بالإشهاد ، بدل الشهود ، نوعا من الإيحاء بأن الله هو الذي يملك الأمر كله ، فلا يملك أحد شيئا إلا من خلال تمليك الله له ، فإذا لم يقدّر الله لهم بأن يشهدوا ذلك ، فلا يمكن أن يتحقق لهم شيء منه.
(وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) وهل يمكن لله سبحانه أن يمنح هؤلاء شرف القرب إليه باتخاذهم شركاء له ، أو مساعدين له ـ لو كان ذلك معقولا في نفسه ـ في الوقت الذي يخططون فيه لتحويل الحياة إلى قاعدة للضلال على مستوى العقيدة والعمل في حركة الإنسان فيها ، ويعملون من أجل تحقيق ذلك من خلال ما يوسوسون به من أفكار الشرّ ، وما يزينونه من أوضاع الضلال ، مما يجعلهم في الموقع المواجه للحركة الهادية الصالحة التي يريد الله للإنسان