أن يلتزمها ، فإن الله يهدي إلى الحق ، ويقود إلى خط الهدى والصلاح ، فكيف يمكن أن يكون مثل هؤلاء في موقع الشركاء والمعاضدين لله في ملكه من هذه الجهة ، مع أن الفكرة ، في مسألة الشرك ، لا تملك أساسا معقولا في ذاتها ، بل هي من الأفكار المستحيلة في ميزان العقل؟!
(وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) فليستجيبوا لكم في هذا الموقف الذي تتعرضون فيه للعذاب ، لينقذوكم منه ، أو لينصروكم فيه ، لأن ذلك هو المظهر الطبيعيّ للألوهية في أقل مراتبها التي تفرض السيطرة المطلقة ، أو الكبيرة في موقف الحساب. إنها دعوة التحدّي الصارخ الذي يوحي إلى هؤلاء المخدوعين بهذه الأفكار الضالّة ، بأن المسألة لا تملك أيّ أساس للقوّة على صعيد الفكر والواقع ، ليعيدوا النظر في اعتقادهم بها ، وليتخلصوا من التأثّر بها نهائيا. (فَدَعَوْهُمْ) في أكثر من نداء ، وفي أعمق صرخة ، (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) لأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، فكيف يملكونه للآخرين ، لا سيما في هذا الموقف الذي (يَوْمَ لا (١) تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩].
(وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) ـ والموبق محل الهلاك ـ وقد ذكر بعض المفسرين أن المراد به النار أو مواقعها ، التي يهلك فيها الفريقان : المشركون وشركاؤهم. وقد ذكر صاحب تفسير الميزان ، أن ذلك لا ينسجم مع التدبّر في كلامه تعالى : «فإن الآية قد أطلقت الشركاء وفيهم ـ ولعلهم الأكثر ـ الملائكة وبعض الأنبياء والأولياء ، وأرجع إليهم ضمير أولي العقل مرة بعد مرة ، ولا دليل على اختصاصهم بمردة الجن والإنس ، وكون جعل الموبق بينهم دليلا على الاختصاص أول الكلام. فلعل المراد من جعل موبق بينهم إبطال الرابطة ورفعها من بينهم ، وقد كانوا يرون في الدنيا أن بينهم وبين شركائهم رابطة الربوبية ، أو السببية والمسببية ، فكنّى عن ذلك بجعل موبق بينهم يهلك فيه الرابطة والعلقة من غير أن يهلك الطرفان ، ويومي إلى ذلك بلطيف الإشارة تعبيره عن دعوتهم أولا بالنداء حيث قال : (نادُوا شُرَكائِيَ) والنداء إنما