لهم إلّا أن ينفتحوا عليه ، لأنه هو الذي يفتح لهم كل آفاق الخير ، وكل أبواب الفرج. وبذلك كان الاستثناء منقطعا ، لا متصلا ، أي إذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله وما يتعلق بهم ، إلا الله فلم تعتزلوه ... كما جاء عن ابن عباس ، في تفسير الآية ، في ما نقله صاحب مجمع البيان ، قال ابن عباس : وهذا من قول تمليخا ، وهو رئيس أصحاب الكهف ، قال لهم : فإذا فارقتموهم وتنحيتم عنهم جانبا ـ يعني عبدة الأصنام ـ وفارقتم ما يعبدون ـ أي أصنامهم ـ إلا الله ، فإنكم لن تتركوا عبادته (١). وهناك احتمال آخر ، وهو أن يكون استثناء متصلا ، من الموصول في قوله : (وَما يَعْبُدُونَ) لأنهم كانوا لا ينكرون عبادة الله ، ولكنهم يشركون بعبادته غيره ، وبذلك كان اعتزالهم لما يعبدونه من دون الله ، أمّا الله ، فإنهم لا يعتزلونه ، وربما كان ابن عباس ناظرا إلى ذلك ، وربما كان أقرب إلى أجواء السياق في الآية.
ولكن صاحب تفسير الميزان لا يوافق على هذا الاحتمال ، لأنه «لم يعهد من الوثنيين عبادة الله سبحانه مع عبادة الأصنام ، وفلسفتهم لا تجيز ذلك» (٢). ولا ندري كيف نوافقه على ذلك ، في الوقت الذي نعرف أن قريشا الوثنية كانت تعبد الأصنام ليقربوها إلى الله زلفى؟!
(فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) وينجيكم من القوم الظالمين ، ويفتح لكم أبواب الفرج من عنده ، (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً). والمرفق هو الشيء الذي يرتفقون به ، أي يحصلون على الرفق واللطف واليسر من خلاله.
وهكذا دخلوا إلى الكهف ، وألقى الله عليهم النوم الثقيل ، الذي عزلهم عن كل ما حولهم ومن حولهم في حالة موت ، مع وقف التنفيذ.
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٦ ، ص : ٥٨٧.
(٢) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ٢٥٠.