به ليصلح أمركم في الدنيا والآخرة من خلال التزامكم به وطاعتكم له ، ونهاكم عما نهاكم عنه ليبعدكم عن إفساد أمركم ومصيركم في الدنيا والآخرة ، من خلال انسجامكم معه وعدم عصيانكم له ، وبذلك فإن عليكم مواجهة المسألة من هذا الخط ، والحذر من الانحراف عنه ، لأن الأمر في كل نتائجه السلبية والإيجابية لله الذي يعلم كل شيء ، ولا يخفى عليه شيء من ذلك كله ، وليس للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا لغيره شيء من أمركم ، في ما يمكن أن يحدث لكم على مستوى المصير ، بل الأمر إليه ـ وحده ـ (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) فيغفر ذنوبكم ويكفر عنكم سيئاتكم (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) بما تستحقونه على مخالفة أمره ونهيه. ثم يلتفت بالخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليقول له : إن مهمته الإبلاغ ، وهي تنتهي عند حصوله منه.
(وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) حافظا لأعمالهم ، تتحمل مسئوليتها وتؤاخذ بانحرافهم. وهذا المعنى الظاهر من الآية يتصل بالآية السابقة ، من خلال ما يستفاد من الإيحاء بذكر الشيطان ، بالانحراف الذي يقود العباد إليه ويجعلهم يقعون في معصية الله ، فيستحقون عذابه ، فكان من المناسب الإيحاء بأن الله مطّلع عليهم ، فيجب أن لا يغفلوا عنه ، ولا يستجيبوا للشيطان ، وليعلموا أن أمرهم بيد الله ، فهو الذي يرحمهم في مواضع الرحمة ، ويعذبهم في مواضع العذاب ، تبعا لاختلاف مشيئته في ذلك.
وقد استظهر صاحب تفسير الميزان أن قوله : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) في مقام تعليل الأمر السابق ثانيا ، ويفيد أنه يجب على المؤمنين أن يتحرزوا من إغلاظ القول على غيرهم ، والقضاء بما الله أعلم به من سعادة أو شقاء ، كأن يقولوا : فلان سعيد بمتابعة النبي ، وفلان شقيّ ، وفلان من أهل الجنة ، وفلان من أهل النار ... وعليهم أن يرجعوا الأمر ويفوضوه إلى ربهم ، فربكم ـ والخطاب للنبي وغيره ـ أعلم بكم ، وهو يقضي الأمر فيكم على ما علم من استحقاق الرحمة أو العذاب (إِنْ يَشَأْ