ساحة التجربة الصعبة ، لينطلقوا إلى موقع آخر يتأملون فيه طبيعة الساحة التي يريدون اكتشافها في مجالات أخرى ، أو يعملون على التشاور حول الوسائل العملية التي يحاولون اتّباعها في سبيل الالتفات من جديد على ساحتهم الطبيعيّة ، لأن البعد عن مواقع التجربة الصعبة الضاغطة قد يوحي للإنسان ببعض الأفكار الجديدة ، التي لا يلتفت إليها في أجواء الضغط والتوتر.
وبذلك نستطيع أن نأخذ منها الفكرة التي تفرض على الإنسان الالتزام بالعقيدة ، مهما كانت الضغوط كبيرة وقاسية ، كما تفرض عليه الهرب من مواقع الضغط الذي يسقط أمامه ، إلى مواقع أكثر حرية وانفتاحا وثباتا ، ولكن لا ليستغرق في ذاته ، بل ليعيش إيمانه ، ويستعدّ لجولة جديدة في ساحة الصراع ، من أجل اكتشاف آفاق جديدة ، في مواقع عمل جديد. وتلك هي العبرة التي نستفيدها في مواقعنا الصعبة التي نواجه فيها التحدّيات من أجهزة الكفر والضلال الرسمية والمخابراتية ، بالمستوى الذي قد يسقط التجربة ، فإن بإمكاننا اللجوء إلى كهف معيّن نختبئ داخله من أجل الحصول على فترة التقاط للأنفاس ، أو مرحلة استعداد للوثوب ، أو فرصة للانطلاق في حركة جديدة.
وقد يخيّل لبعض الناس أن ذلك يمثل لونا من ألوان الهروب ، الذي يمثل الضعف الإنساني بمستوى لا يتناسب مع قوة الإيمان ، في ما يفرضه من ثبات واندفاع وتضحية ، فلا ينسحب من المعركة مهما بلغت الضغوط وكثرت التحديات.
ولكن المسألة ليست بهذه الدرجة من النتائج السلبية في حركة الإيمان في حياة المؤمن ، لأن الله يريد الثبات لعباده ، وذلك لتحقيق قوّة لمواقعهم في الساحة ، ولكن القوّة ليست هي هذا الشكل الانفعالي من الاندفاع ، بل هي هذا اللون من التخطيط الواقعي للأسلوب العملي الذي يرتبط بالموقع المتقدم