الأولين والآخرين كالأمواج المتلاطمة التي يزحم بعضها بعضا ، ويعلو بعضها فوق بعض استعدادا للموقف الصعب الحاسم.
(* وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) في وضع مضطرب متنافر بعيد عن النظام. (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) الذي يدعوهم إلى التجمع والانتظام في موقف واحد. (فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) ووقف الجميع أمام رب العالمين ، وكان الكافرون المتمرّدون في الموقف الخائف الحائر الذي يواجه المصير الرهيب.
(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) فعرفوها بكل ساحاتها وزواياها ، وبكلّ لهيبها وعذابها ، وبكلّ طعامها وشرابها ، فوقفوا يحدّقون فيها بذهول ودهشة وارتباك ، ولم يستطيعوا الابتعاد عنها ، كما كانوا يبتعدون في الدنيا عن ذكر الله وعن مواقع طاعته.
(الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) فلا يبصرون آيات الله ، ولا يقرءونها كما لو كان هناك غطاء يغطي أعينهم ، (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) إذا تليت عليهم ، كما لو كانوا في حالة صمم ... وها هم يواجهون الموقف بالعذاب الشديد ، فما ذا يفعلون الآن؟ وكيف يفكرون؟ هل يعتقدون أن كل ذلك التمرد والكفر والطغيان يمكن أن يمرّ بدون حساب أو يذهب بدون عقاب؟؟ هل القضية بهذه السهولة؟! إنهم لو فكروا بهذه الطريقة ، فإن تفكيرهم يكون تفكيرا خاطئا. (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) يلقون إليهم بالمودة ، ويتوجهون إليهم بالعبادة ، ويخلصون لهم بالطاعة ، ويتركون عبادتي ولا أحاسبهم على ذلك. (إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) فهو مصيرهم المحتوم الذي ينتهون إليه لينزلوا فيه أبدا من دون أن يستطيعوا الخروج منه.
* * *