بنيّة الرجوع إلى دار الإسلام ، فالأمان باق ، لأنّه على نيّة الإقامة في دار الإسلام ، وإن كان للاستيطان في دار الحرب ، بطل في نفسه دون ماله ، لأنّه بدخوله دار الإسلام وأخذ الأمان ثبت الأمان في ماله الذي معه ، فإذا بطل في نفسه بمعنى لم يوجد في المال ـ وهو الدخول في دار الحرب ـ بقي الأمان في ماله ، لاختصاص المقتضي بالنفس. أمّا لو أخذه معه إلى دار الحرب ، فإنّه ينتقض الأمان فيه كما ينتقض في نفسه. ولو لم يأخذه فأنفذ في طلبه ، بعث به إليه تحقيقا للأمان فيه. ويصحّ تصرّفه فيه ببيع وهبة وغيرهما.
ولو مات في دار الحرب أو قتل ، انتقل إلى وارثه ، فإن كان مسلما ، ملكه مستقرّا ، وإن كان حربيّا ، انتقل إليه وانتقض فيه الأمان ـ وبه قال أبو حنيفة (١) ـ لأنّه مال لكافر لا أمان بيننا وبينه في نفسه ولا في ماله ، فيكون كسائر أموال أهل الحرب.
وقال أحمد : لا يبطل الأمان ، بل يكون باقيا ـ وبه قال المزني ، وللشافعيّة قولان ـ لأنّ الأمان حقّ لازم متعلّق بالمال ، فإذا انتقل إلى الوارث ، انتقل بحقّه ، كسائر الحقوق من الرهن والضمان والشفعة (٢).
ونمنع ملازمته للمال ، لأنّ الأمان تعلّق بصاحبه وقد مات ، فيزول الأمان المتعلق به.
مسألة ٦٤ : إذا مات الحربيّ في دار الحرب وقد أخذ الأمان لإقامته
__________________
(١) المغني ١٠ : ٤٣٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٥٧.
(٢) المغني ١٠ : ٤٣٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٥٧ ، مختصر المزني : ٢٧٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، الوجيز ٢ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٧٦ ، حلية العلماء ٧ : ٧٢٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٨١.