ولو استناب المديون من يقضي الدّين من مال حاضر ، فله الخروج ، لأنّ صاحب الدّين يصل إلى حقّه في الحال ، أمّا لو أمره بالقضاء من مال غائب ، فإنّه لا يجوز له الخروج بغير إذنه ، لأنّه قد لا يصل إليه.
وإذا أذن ربّ المال في الخروج ، جاز له ، ولحق بأصحاب فرض الكفاية ، وهو أحد قولي الشافعيّة (١).
ولو كان الدّين مؤجّلا ، فليس لصاحبه منعه من الخروج ، كما ليس له منعه من الأسفار ، وهو أحد قولي الشافعيّة وقول مالك. والثاني : أنّ له منعه ـ وبه قال أحمد ـ لأنّ الجهاد يقصد فيه الشهادة التي تفوت بها النفس ، فيفوت الحقّ بفواتها (٢).
وروي أنّ رجلا جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا يكفّر عنّي خطاياي؟ قال : « نعم ، إلاّ الدّين ، فإنّ جبرئيل قال لي ذلك » (٣).
وفوات النفس غير معلوم ، ولا دلالة في الحديث على المطلوب.
وللشافعيّة طريقة أخرى هي أنّه إن لم يخلّف وفاء ، فليس له الخروج إلاّ بإذن ربّ الدّين ، وإن خلّف ، فوجهان ، لأنّه قد يتلف ولا يصل إلى ربّ
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٤١٣.
(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٥٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٣٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦٤٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٤١٣ ، المغني ٤ : ٥٤٩ ، و ١٠ : ٣٧٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٤ ـ ٤٩٥ و ١٠ : ٣٧٦.
(٣) الموطأ ٢ : ٤٦١ ـ ٣١ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥٠١ ـ ١٨٨٥ ، سنن الترمذي ٤ : ٢١٢ ـ ١٧١٢ ، سنن النسائي ٦ : ٣٥٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٥ ، مسند أحمد ٦ : ٤٠٣ ـ ٢٢٠٣٦ و ٤١٢ ـ ٢٢٠٧٩ و ٤١٩ ـ ٤٢٠ ـ ٢٢١٢٠ بتفاوت.