« ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما » (١).
وهاجر رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هل لك باليمن أحد؟ » قال : نعم ، أبواي ، قال : « أذنا لك؟ » قال : لا ، قال : « فارجع فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلاّ فبرّهما » (٢).
ولأنّ الجهاد فرض كفاية وبرّ الوالدين فرض عين ، فيقدّم وهو بشرط الإسلام.
ولو كانا مشركين أو الحيّ منهما ، لم يفتقر إلى إذنهما ـ وبه قال الشافعي وأحمد (٣) ـ للتهمة الظاهرة بالميل إلى ملّته في الكفر ، وكان ولد عبد الله بن أبيّ بن سلول يغزو مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومعلوم أنّ أباه كان يكره ذلك ، فإنّه كان يخذل الأجانب ويمنعهم عن الجهاد (٤) ، وكذا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يجاهدون وفيهم من له أبوان كافران من غير استئذانهما ، منهم أبو بكر ، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر وأبوه رئيس المشركين يومئذ قتل ببدر ، وأبو عبيدة قتل أباه في الجهاد فأنزل الله تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً ) (٥) (٦) الآية.
__________________
(١) سنن أبي داود ٣ : ١٧ ـ ٢٥٢٨ ، سنن النسائي ٧ : ١٤٣ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦ ، مسند أحمد ٢ : ٣٤٢ ـ ٦٤٥٤ و ٤٠٠ ـ ٦٧٩٤.
(٢) سنن أبي داود ٣ : ١٧ ـ ١٨ ـ ٢٥٣٠ ، سنن سعيد بن منصور ٢ : ١٣١ ـ ٢٣٣٤ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦.
(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٦٠ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٢٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٣٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤١٣ ، المغني ١٠ : ٣٧٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٧٨.
(٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٦٠ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٢٣.
(٥) المجادلة : ٢٢.
(٦) أسباب النزول ـ للنيسابوري ـ : ٢٣٦ ، التفسير الكبير ٢٩ : ٢٧٦ ، الجامع لأحكام القرآن ١٧ : ٣٠٧ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٢٣ ، المغني ١٠ : ٣٧٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٧٨.