ثم ختم ـ سبحانه ـ قصة موسى ـ عليهالسلام ـ مع فرعون في هذه السورة الكريمة ببيان سنة من سننه التي لا تتخلف ، وهي حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة المكذبين فقال ـ تعالى ـ :
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢) وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)(٩٣)
قوله ـ سبحانه ـ (وَجاوَزْنا) هو من جاوز المكان ، إذا قطعه وتخطاه وخلفه وراء ظهره وهو متعد بالباء إلى المفعول الأول الذي كان فاعلا في الأصل ، وإلى الثاني بنفسه.
والمراد بالبحر هنا : بحر القلزم ، وهو المسمى الآن بالبحر الأحمر. وقوله (بَغْياً وَعَدْواً) أى ظلما واعتداء. يقال : بغى فلان على فلان بغيا ، إذا تطاول عليه وظلمه. ويقال : عدا عليه عدوا وعدوانا إذا سلبه حقه.
وهما مصدران منصوبان على الحالية بتأويل اسم الفاعل. أى : باغين وعادين. أو على المفعولية لأجله أى : من أجل البغي والعدوان.
والمعنى : وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ، وهم تحت رعايتنا وقدرتنا ، حيث جعلناه لهم طريقا