والبرق : ما يراه الرائي من نور لا مع يظهر من خلال السحاب ، وخوفا وطمعا : حالان من الكاف في يريكم ، أو هما في محل المفعول لأجله.
والمعنى : هو الله ـ تعالى ـ وحده الذي يريكم بقدرته البرق ، فيترتب على ذلك أن بعضكم يخاف ما ينجم عنه من صواعق. أو سيل مدمر ، وبعضكم يطمع في الخير من ورائه ، فقد يعقبه المطر النافع ، والغيث المدرار.
فمن مظاهر حكمة الله ـ تعالى ـ في خلقه ، أنه جعل البرق علامة إنذار وتبشير معا ، لأنه بالإنذار والتبشير تعود النفوس إلى الحق ، وتفيء إلى الرشد.
وجملة «وينشئ السحاب الثقال» بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته ـ سبحانه ـ وإنشاء السحاب : تكوينه من العدم.
والسحاب : الغيم المنسحب في الهواء ، وهو اسم جنس واحده سحابة ، فلذلك وصف بالجمع وهو «الثقال» جمع ثقيلة.
أى : وهو ـ سبحانه ـ الذي ينشئ السحاب المثقل بالماء ، فيرسله من مكان إلى مكان على حسب حكمته ومشيئته.
قال ـ تعالى ـ (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ. حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ ، فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ ، فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ، كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١).
وقوله ـ سبحانه ـ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) بيان لمظهر ثالث من مظاهر قدرته. والرعد : اسم للصوت الهائل الذي يسمع إثر تفجير شحنة كهربية في طبقات الجو.
وعطف ـ سبحانه ـ الرعد على البرق والسحاب ، لأنه مقارن لهما في كثير من الأحوال. والتسبيح : مشتق من السبح وهو المرور السريع في الماء أو في الهواء وسمى الذاكر لله ـ تعالى ـ مسبحا ، لأنه مسرع في تنزيهه سبحانه عن كل نقص.
وتسبيح الرعد ـ وهو هذا الصوت الهائل ـ بحمد الله ، يجب أن نؤمن به ، ونفوض كيفيته إلى الله ـ تعالى ـ لأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا هو ـ سبحانه ـ وقد بين لنا ـ سبحانه ـ في كتابه أن كل شيء يسبح بحمده فقال : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ٥٧.