وبعد أن بين ـ سبحانه ـ حال الحياة الدنيا ، وقصر مدة التمتع بها ، أتبع ذلك بدعوة الناس جميعا إلى العمل الصالح الذي يوصلهم إلى الجنة فقال ـ تعالى ـ :
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٢٧)
والمقصود بدار السلام : الجنة التي أعدها الله ـ تعالى ـ لعباده المؤمنين ، وسميت بذلك ، لأنها الدار التي سلم أهلها من كل ألم وآفة. أو لأن تحيتهم فيها سلام ، أو لأن السلام من أسماء الله ـ تعالى ـ فأضيفت إليه تعظيما لشأنها ، وتشريفا لقدرها ، كما يقال للكعبة : بيت الله.
وقوله : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ ...) معطوف على محذوف يدل عليه السياق.
والتقدير : الشيطان يدعوكم إلى إيثار متاع الحياة الدنيا وزخرفها ، والله ـ تعالى ـ يدعو الناس جميعا إلى الإيمان الحق الذي يوصلهم إلى دار كرامته.
وقوله : (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو المؤدى بصاحبه إلى رضوان الله ومغفرته.
والمراد بالصراط المستقيم : الدين الحق الذي شرعه الله لعباده. وبلغه لهم عن طريق نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ ...) بيان لحسن عاقبة الذين استجابوا لدعوته ، واتبعوا صراطه المستقيم.