ترون في فيه غش الحسو |
|
د حتى يعض على الأكفا |
يعنى أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه وكفيه (١).
وقوله ـ سبحانه ـ (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) معطوف على قوله (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ).
ومريب : اسم فاعل من أراب. تقول : أربت فلانا فأنا أريبه ، إذا فعلت به فعلا يوجب لديه الريبة ، فمعنى مريب : موقع في الريبة أى : في القلق والاضطراب.
أى : قال المكذبون لرسلهم إنا كفرنا بما جئتم به من المعجزات والبينات.
وإنا لفي شك كبير موقع في الريبة مما تدعوننا إليه من الإيمان بوحدانية الله ، وبإخلاص العبادة له ...
قال الجمل ما ملخصه : «فإن قيل : إنهم أكدوا كفرهم بما أرسل به الرسل.
ثم ذكروا بعد ذلك أنهم شاكون مرتابون في صحة قولهم فكيف ذلك؟
فالجواب : كأنهم قالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به أيها الرسل فإن لم نكن كذلك ، فلا أقل من أن نكون شاكين مرتابين في صحة نبوتكم.
أو يقال : المراد بقولهم «إنا كفرنا بما أرسلتم به» أى بالمعجزات والبينات ، وبقولهم : (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) وهو الإيمان والتوحيد.
أو يقال : إنهم كانوا فرقتين إحداهما جزمت بالكفر ، والأخرى شكت ... (٢).
ثم بين ـ سبحانه ـ ما رد به الرسل على المكذبين من أقوامهم فقال : (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ ، فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ...).
والاستفهام في قوله (أَفِي اللهِ شَكٌ) للتوبيخ والإنكار ، ومحل الإنكار هو وقوع الشك في وجود الله ـ تعالى ـ وفي وحدانيته.
وقوله (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الفطر بمعنى الخلق والإبداع من غير سبق مثال وأصله : الشق وفصل شيء عن شيء ، ومنه فطر ناب البعير أى : طلع وظهر ، واستعمل في
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٩ ص ٣٤٦.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥١٦.