المشركين إلى ما هم فيه من ضلال حتى يقلعوا عنه.
وجاء الخبر بصيغة الموصول ، لأن الصلة معلومة الثبوت له ـ سبحانه ـ والمشركون لا ينازعون في ذلك ، كما قال ـ تعالى ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ).
وقوله (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ ..) بيان للون آخر من ألوان نعمه على خلقه.
والمراد بالسماء هنا : السحاب ، أو جهة العلو.
أى : وأنزل ـ سبحانه ـ من المزن أو السحاب «ماء» كثيرا هو المطر ، «فأخرج به» أى بذلك الماء «من الثمرات» المتعددة الأنواع والأصناف «رزقا لكم» تنتفعون به ، وتتمتعون بجمال منظره وطيب مطعمه.
ثم حكى ـ سبحانه ـ ألوانا أخرى من نعمه فقال : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ. وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ ، وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ).
وقوله «سخر» من التسخير بمعنى التذليل والتطويع والقدرة على التصرف في الشيء والانتفاع به.
والفلك : ما عظم من السفن. ويستعمل لفظه في الواحد والجمع ، والظاهر أن المراد به هنا الجمع لقوله ـ سبحانه ـ «لتجرى» بتاء التأنيث.
أى : «وسخر لكم» ـ سبحانه ـ السفن الضخمة العظيمة ، بأن ألهمكم صنعها ، وأقدركم على استعمالها «لتجرى في البحر» إلى حيث تريدون «بأمره» وإذنه ومشيئته ، لا بإذنكم ومشيئتكم ، إذ لو شاء ـ سبحانه ـ لقلبها بكم.
«وسخر لكم الأنهار» بأن جعلها معدة لانتفاعكم ، إذ منها تشربون ، ومنها تسقون دوابكم وزروعكم ، وعليها تسيرون بسفنكم إلى حيث تريدون.
(وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) أى : دائمين في إصلاح ما يصلحان من الأبدان والنبات وغيرهما أو دائمين في مدارهما المقدر لهما بدون اضطراب أو اختلال. ولا يفتران عن ذلك ما دامت الدنيا.
وأصل الدأب : الدوام والعادة المستمرة على حالة واحدة. يقال : دأب فلان على كذا يدأب دأبا ، إذا داوم عليه وجد فيه.