دعوتك ، قل لهم اعملوا ما تستطيعون عمله من الكيد لي ولدعوتى ، فإنى وأصحابى مستمرون على السير في طريق الحق الذي هدانا الله إليه ، بدون التفات إلى كيدكم وقل لهم ـ أيضا ـ : انتظروا ما يأتى به الله من عقاب ، فإنا منتظرون معكم ذلك.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بهذه الآية الجامعة فقال : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
أى : ولله ـ تعالى ـ وحده علم جميع ما غاب عن الحواس في السموات والأرض ، وإليه وحده يرجع الأمر كله من إحياء وإماتة ، وهداية وضلال ، وصحة ومرض ، ونصر وهزيمة.
وما دام الأمر كذلك (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) أى : فأخلص له العبادة ، واجعل توكلك عليه وحده.
(وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) بل هو مطلع وبصير بأعمال عباده جميعا ، لا يعزب عنه مثقال ذرة منها ، وسيجازى الذين أساءوا بما عملوا ، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.
أما بعد : فهذا تفسير لسورة هود ـ عليهالسلام ـ أسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المدينة المنورة ـ صباح الخميس ٥ من جمادى الآخرة سنة ١٤٠١ ه الموافق ٩ من أبريل سنة ١٩٨١ م.
محمد سيد طنطاوى