عليه الغرم ... دون أن يسترق كما هو الحال في شريعة يعقوب.
وقوله «إلا أن يشاء الله» أى : لم يكن يوسف ليتمكن من أخذ أخيه في حال من الأحوال ، إلا في حال مشيئته ـ تعالى ـ التي هي عبارة عن ذلك الكيد المذكور ...» (١).
قالوا : وفي الآية دليل على جواز التوصل إلى الأغراض الصحيحة بما صورته صورة الحيلة والمكيدة إذا لم يخالف ذلك شرعا ثابتا» (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) استئناف لبيان قدرة الله ـ تعالى ـ وسعة رحمته وعطائه.
أى : نرفع من نشاء رفعه من عبادنا إلى درجات عالية من العلوم والمعارف والعطايا والمواهب ... كما رفعنا درجات يوسف ـ عليهالسلام ـ.
(وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ) من أولئك المرفوعين «عليم» يزيد عنهم في علمهم وفي مكانتهم عند الله ـ تعالى ـ فهو ـ سبحانه ـ العليم بأحوال عباده ، وبمنازلهم عنده ، وبأعلاهم درجة ومكانة.
وقال ـ سبحانه ـ «نرفع» بصيغة الاستقبال وللأشعار بأن ذلك سنة من سننه الإلهية التي لا تتخلف ولا تتبدل ، وأن عطاءه ـ سبحانه ـ لا يناله إلا الذين تشملهم إرادته ومشيئته كما تقتضيه حكمته.
وجاءت كلمة «درجات» بالتنكير ، للإشارة إلى عظمها وكثرتها.
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما قاله إخوة يوسف في أعقاب ثبوت تهمة السرقة على أخيه «بنيامين» فقال ـ تعالى ـ (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ...).
أى : قال إخوة يوسف ـ عليهالسلام ـ بعد هذا الموقف المحرج لهم. إن يسرق بنيامين هذا الصواع الخاص بالملك فقد سرق أخ له من قبل ـ وهو يوسف ـ ما يشبه ذلك.
وقولهم هذا يدل على أن صنيعهم بيوسف وأخيه ما زال متمكنا من نفوسهم.
وقد ذكر المفسرون هنا روايات متعددة في مرادهم بقولهم هذا ، ومن بين هذه الروايات ما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال في الآية : سرق يوسف ـ عليهالسلام ـ صنما لجده وكان هذا الصنم من ذهب وفضة ، فكسره وألقاه على الطريق ، فعير إخوته بذلك» (٣).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ٢٩.
(٢) تفسير فتح القدير ج ٣ ص ٤٣.
(٣) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ٣٢.